يصادف اليوم الموافق 21 مارس 2024 تاريخ عيد الأم، وهو مناسبة عظيمة جديرة بالاحتفال، بل بما هو أكثر من ذلك بكثير. لأنه لا يمكن لنا مهما فعلنا أن نوفي حق أمهاتنا علينا. الأم هي الأرض الطيبة التي تحنو علينا وتحتضنا بدفئ عميق، وهي الحياة، وهي البركة، وهي الحب والعطاء. وأي حب دونها لا يعد حبًا. لأن حبها أغلى حب يسكن القلوب.
وقلوب الأمهات هي أحن القلوب وأكثرها احتواء لنا. الأم تقبلك كما أنت، حبها لكِ غير مشروطًا هو حب خالص، حب يمنحك الحياة على طبق من ذهب. فاظفر به تكن حياتك أكثر هدوءًأ وأكثر بركة، ويكن رزقك أوسع، وعمرك أطول، ومستقبك أروع وأنجح.
بر الوالدين أمر إلهي
إن بر الوالدين من كمال الإيمان بالله عز وجل، ولذلك أمرنا سبحانه بطاعة الأم والأب في كتابه الكريم بذكر آيات مباركة تدل على أهمية بر الوالدين حيث قال تعالى ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))
أمك ثم أمك ثم أمك
أوصى النبي الكريم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أن أحق الناس بالبر والمعاملة هي الأم ومكانتها تفوق مكانة الأب وأنها هي الأحق والأولى بحسن الصحبة ومن بعدها يأتي الأب. عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: ((جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله.. من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك)) (متفق عليه).
طاقة بر الوالدين
قالت الدكتورة أميرة داوود أخصائية علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية وماجيستير صحة نفسية جامعة استانفورد الأمريكية أن الحديث عن ثمار بر الوالدين أمر يفوق كل ما قيل عنه حقيقة وواقعًا نراه مجسدًا في جلساتنا العملية حول علاج مشاكل من يعانون بخلافات مع الأم أو الأب أو كلاهما معاً، لأنه يرتبط إرتباطًا كبيرًا بجودة الحياة التي يعيشها الابن أو الابنة في المستقبل. لأن الخلاف مع الأب أو الأم وخصوصًا الأم يفصل بين الابن أو الابنة وبين الحياة ورغد العيش، ويجعلهم بمعزل عن أي تقدم فيها، ويؤثر تأثيرًا سلبيًا على صحتهم النفسية، وحياتهم في المستقبل.
وذكرت د. أميرة أن الخلاف مع الأم حتى وإن كان باطنًا لا يظهره الابن له أن يؤثر في الطاقة التي تحيط به، فإذا كان الابن على سبيل المثال يتعامل ببر من الظاهر فقط ولكنه داخليًا يملؤه الغضب أو الكره لبعض التصرفات التي قد تجعله يشعر بكرهه لأمه، فإنه حتمًا سيتأثر سلبًا بما يدور في نفسه، وستتأثر جودة حياته ككل. فما بالكم بمن لا يبر أمه في الظاهر والباطن معًا. إنه المصير الأسوأ على الإطلاق!
طاقة بر الأم حياة
أوضحت د. أميرة أن طاقة الأم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأرض والحياة، وأن عدم طاعة الأم أو الخلاف معها حتى وإن كان داخليًا، ورفض الابن لها يعد رفضًا للأرض وللحياة ولكل الأمور الطيبة فيها، ولذلك تتأثر الحياة سلبًا في كثير من الأمور مثل الزواج والرزق البركه في العمر والنجاح. لذا يجب الحذر من عدم الوفاق مع الأم، وتجنب عصيانها والخلاف معها. لأن كل هذه الأبواب تُغلق بمجرد الوقوع في خلاف معها، ويكتب للابن العاق لأمه أو الابنة العاقة لأمها عدم التوفيق في الحياة، لأن كره الأم يفهمه العقل الباطن كرهًا للأرض وبه تغلق الشاكرات السفليه المتصله بالأم (الارض والحياة) .
وقد أشارت د. أميرة مثالًا لطاقة بر الوالدين بوجه عام وبر الأم بوجه خاص بما أن اليوم هو يوم الاحتفال بالأم، حيث أشارت إلى مثال حيوي حدث بالفعل مع د “واين داير” وهو مؤلف أمريكي ومحاضر مشهور، انفصل أباه عن أمه منذ نعومة أظافره وعانى من اهماله فترات طويلة، وخصوصًا مع فقر أمه التي اضطرت إلى تركه في ملجأ هو وأخيه للتأكد من توفير احتياجاتهم وعادت مرة أخرى بعد زواجها وتحسن أحوالها المعيشية لتأخذه هو وأخيه ليعيشوا معها مرة أخرى. وقد تسببت هذه المعاناه في كرهه لأبيه، وأصبح قلبه مليئًا بالغضب تجاهه. وقد لا حط “واين داير” أنه ظل لفترات طويلة يعاني من تأخر وعدم تقدم في عمله وفي حياته الشخصية. ولكنه عندما زار قبر والده بعد وفاته وبكى بكاء شديدًا، وسامحه على ما كان منه، تغيرت أحواله وحالفه الحظ وأصبح مشهورًا بشكل كبير جدًا في حياته. وهكذا الحال بالنسبة للأم فإن برها حياة وسعادة وطمأنينة ونجاح في المستقبل في جميع مجالات الحياة.
إن الهدف من ذكر هذه القصة توضيح أمر هام ألا وهو أن جودة حياتنا والتوفيق والستر فيها يتوقف على بر الوالدين، وبر الأم بشكل خاص، وهو ما يجب أن نسلط عليه الضوء اليوم. وخصوصًا بعد أن وصل جحود الأبناء على الأمهات والآباء حد الجحود والنكران. وبعد أن رأينا أمثلة عديدة لأمهات يبكين قسوة أبنائهن عليهن.
لا أعلم كيف تستيطع قلوب هؤلاء ممارسة القسوة على أمهاتهن، ويرفض عقلي تصديق ما يُلقى على مسامعي من أمهات تعرضوا لمواقف أليمة من أبنائهن. وأبكي كثيرًا عند سماعي لقصصهن المليئة بالمعاناة من خذلان ونكران الأبناء، وأذكر لهفتي على أمي رحمها الله تعالى، وأتمنى لو أني استطيع أن احتمي بحضنها اليوم كما كنت في السابق حيث الحياة الآمنة لأن أمي كانت ومازالت أماني على هذه الأرض. دعائها سر قوتي، ورضاها عني سبب انتصاراتي في الحياة.
إنها الأم يا أطفال ويا كبار، يا أولاد ويا فتيات، يا نساء ويا رجال، أحبوا أمهاتكم، واحرصوا على نيل الرضا منهن قبل فوات الأوان، واستمتعوا بأحضانهن، وانعموا بحبهن غير المشروط فلن تجدوا حبًا مثله خالصًا من القلب إلى القلب. أحبوا أمهاتكم وانعموا بحياة ذات جودة عالية كما تحبون وكما تستحقون.
أحبوا أمهاتكم وتفننوا في تحقيق سعادتهن، واحتفلوا بهم اليوم وكل يوم.. وتذكروا “الأم حياة”
وكل عام وكل أم بألف خير وسعادة، ورحم الله كل أم فارقت الحياة، وأرزق كل من فارقت أمه الحياة، الصبر والسلوان،،،
عيد أم سعيد،،،،