قد يبدو الحب جميلاً، ولكنه من الممكن أن يكون مخيفاً أيضاً، هكذا ينظر إليه البعض، ولذلك نجد من يقتربون منه بشدة، ومن يبتعدون عنه آلاف الأميال، لأنهم لا يستطيعون منح الثقة لمن يدخل قلوبهم بدافع الحب، فهم يخافون من كسرة القلب، وظلم الأحبة، ويخشون التعرض للفشل والهجر والقهر والغدر، لأنهم يعانون من فيلوفوبيا الحب أو ما يعرف بـ “رهاب الحب”.
والفيلوفوبيا حالة يعاني منها الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات عاطفية عنيفة شكلت لديهم مخاوف كبيرة من الحب، ومن الارتباط العاطفي، ولها أسباب عديدة أخرى كما سيلي ذكره أدناه.
مفهوم فيلوفوبيا الحب
تقول الدكتورة “أميرة داوود” أخصائية علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية، ماجيستير صحة نفسية جامعة استانفورد الامريكية، أن رهاب الحب أو “فيلوفوبيا الحب” تعني الخوف من الوقوع في الحب أو الإلتزام بارتباط عاطفي، إضافة إلى النظرة التشاؤمية للحب ممثلة في جميع الاستنتاجات السلبية التي يفترضها كل من يهرب من الحب، والممثلة في “ماذا لو”، وتوقع أسوأ النتائج، كأن يقول أحدهم ماذا لو منحت الثفة للحبيب وخان وغدر؟، ماذا لو تعرضتِ قصة الحب التي ستجمع بيننا للفشل؟، ماذا لو وقعتِ في الحب وتعرضت لنفس الألم مجدداً؟، إلى غير ذلك من الأسئلة التي تحول بين الشخص الذي يعاني من رهاب الحب وبين مشاعره ورغباته.
أعراض فيلوفوبيا الحب
تقول الدكتورة أميرة أن المصابين بفيلوفوبيا الحب أو “رهاب الحب” يعانون من أعراض عديدة مثل: القلق الشديد حيال إقامة علاقة عاطفية، رفض فكرة الارتباط والزواج، حب الغزلة، الابتعاد عن الأماكن المخصصة للمحبين والعشاق، فقدان الإيمان بالحب، وكبت المشاعر والعواطف والخوف من إطلاق العنان لها، وهنا يكمن الخطر، لأن كبت المشاعر وقمعها من أسوأ ما يمكن فعله لما يترتب على ذلك من سلبيات عديدة.
أسباب فيلوفوبيا الحب
تقول الدكتورة أميرة أنه من الممكن أن يكون رفض الحب والهروب منه، والخوف من الالتزام العاطفي، بسبب ظروف تعرض لها الشخص في الصغر، وقد يكون السبب، تعرض صاحبها لتجربة قاسية أطاحت بمشاعره، وعصفت بقلبه وطرحته أرضاً مسببة له فقدان الإيمان بالحب، وعدم تأثره بكلامه العذب، وبتأثيراته العاطفية على الوجدان.
وتفصيلاً ذكرت د.أميرة أسباب الفيلوفوبيا “رهاب الحب” كما يلي:
الصدمات العاطفية
الفيلوفوبيا أو رهاب الحب هي آلية دفاعية يستخدمها الفرد الذي تعرض للصدمة في مواجهة الحب، لحماية نفسه من قسوة التعرض للألم ومن تكرار سيناريوهات تجربة عاطفية يخشى على نفسه التعرض إليها مجدداً، وذلك بسبب معاناة سابقة، استنفذت كل مشاعره وعواطفه وأطاحت بها بقوة، وقتلت كل أمل من الممكن أن يوجد بداخله للحب.
تجارب الآخرين
بحسب د.أميرة، قد يكون لتجارب الآخرين دوراً كبيراً في الإصابة بـ فيلوفوبيا الحب أو “رهاب الحب” مثل: حالات الإنفصال والطلاق، ومعاناة أطرافها، أو قصص حب الفاشلة، أو مشاهدة فيلماً قاسياً عن الحب، والمشاعر، أو التأثر بأغنية عاطفية سلبية، أو حتى بسبب سماع أخبار الحوادث، وخصوصاً حوادث قتل الأزواج والزوجات لبعضهما البعض.
رواسب ذاتية
أي خطأ في علاقة الشخص بذاته يؤثر سلباً على علاقاته بالآخرين، ولذلك يكون لمعتقدات الشخص التي كبُر عليها، ومدى تقبله لذاته كما هي، ولطريقة التربية التي جعلته يفتقر إلى تقدير الذات دوراً كبيراً في وجود رواسب ذاتية رافضة للحب، ولأي من المشاعر التي تترتب على الوقوع فيه، لأن الشخص في هذه الحالة لا يعرف كيفية تقدير ذاته وحبها، بل أنه قد يفعل ما دون ذلك، ولأنه فاقداً لمعنى الحب ولا يفهمه بالطريقة الصحيحة، ولذلك ينفر منه ويبتعد عنه.
التربية الخاطئة
“الحب النظيف الطاهر ليس حراماً، وهكذا المشاعر البريئة المترتبة عليه، ولكن هذا عكس ما يُربى عليه البعض، لأنهم تربوا على اعتقادات خاطئة جعلتهم خائفين من الحب، رافضين للرومانسية والعواطف والمشاعر مهما بدت شاعرية ودافئة، وذلك إما لاعتبارات أخلاقية أو اعتبارات دينية، والحقيقة أن الحب الحقيقي الطاهر لا يخدش أي منهما أبداً.
كيف يتم علاج الفيلوفوبيا؟
بحسب الدكتورة أميرة، يتم علاج فيلوفوبيا الحب من خلال العلاج النفسي السلوكي، وعبر التركيز على معرفة الأحداث والصور والأفكار التي كانت سبباً في خلق “رهاب الحب” لدى المصاب، إذ يتم إجراء جلسات محادثة مع المريض لبناء السلوك الإيجابي، وتعليمه التسامح والتصالح مع النفس بشأن مفاهيم الحب والارتباطات العاطفية، وذلك من خلال مساعدته على إدراك ماهية الحب وأهميته من أجل ممارسة الحياة بشكل طبيعي.
وفي بعض الحالات يتم العلاج من خلال المواجهة، وهو ما يعرف باسم العلاج بالصدمة، ويتم من خلال عرض مشاهد وأفلام رومانسية تكون مشابهة للأمور التي تسببت في معاناة الشخص من رهاب الحب، ومراقبة رد فعله حيالها، ومدى قدرته على التفاعل معها، وذلك لمساعدته على الحد من القلق الناتج عن الفيلوفوبيا “رهاب الحب”. وفي بعض الحالات الشديدة من الفيلوفوبيا، والتي يستعصى فيها العلاج السلوكي، يتم بدء مرحلة أخرى منه، هي مرحلة العلاج من خلال تناول العقاقير والأدوية المناسبة للحالة، وبمتابعتها ومراقبتها جيداً، للتأكد من مدى استجابتها للأدوية والعقاقير الموصوفة لها.
والآن ماذا عنكِ غاليتي، هل عانيتِ من تجربة حب قاسية عصفت بقلبك ومشاعرك، وأطاحت بكل جميل في قلبك، وجعلتك تخشين الوقوع مجدداً في الحب حد القلق والتوتر الشديد من أي تلميح بالارتباط العاطفي؟ وهل وصل بكِ الحال حد المعاناة من الفيلوفوبيا؟ .. يسعدنا أن تشاركينا!